افكار ومواقف حول اضطهاد النساء

ترتبط أصول اليوم الأممي للنساء بشكل وثيق بنضالات عاملات النسيج. يوم 8 مارس 1847، دخلت عاملات النسيج وصناعة الملابس في نيويورك في إضراب للاحتجاج على تدني الأجور، طول ساعات العمل والشروط اللاإنسانية للعمل، وهو ما شكل واحدا من أوائل الحركات الإضرابية التي نظمتها النساء. لقد تم قمعهن بشراسة كما قامت قوات الشرطة بإطلاق النار عليهن.

يوم 8 مارس 1908، وبناء على دعوة مجموعة النساء الاشتراكيات الديموقراطيات بمدينة نيويورك، خاضت أكثر من 15.000 امرأة من عاملات النسيج، من الجهة الشرقية للمدينة، مسيرة طالبت بأسبوع عمل أقصر وبالحريات السياسية. وشهدت سنة 1909، إضرابا جماهيريا شاركت فيه 20.000 عاملة نسيج بنيويورك والذي استمر طيلة أربعة عشرة أسبوع من أسابيع الشتاء الباردة القاسية. ثم في شهر مارس 1911، أدى اندلاع النار بمصنع Triangle Shirtwaist في نيويورك إلى مقتل أكثر من 100 عاملة، لا سواء بسبب الحريق مباشرة أو بسبب قفزهن من الطابق الثامن لأن الأبواب كانت مغلقة ( لمنعهن من الخروج أثناء أوقات العمل بدون إذن). جميع هذه النضالات تم تخليدها من خلال اليوم الأممي للمرأة الذي أعلن في اجتماع أممي للنساء الاشتراكيات، بناء على اقتراح تقدمت به المناضلة الاشتراكية الثورية الألمانية، كلارا زيتيكين. .

من وجهة نظر الحركات النسائية "البرجوازية" في العالم والمغرب ايضا، أن الصراع الرئيسي الدائر في المجتمع هو صراع ما بين الجنسين بين الرجل والمرأة اذ انهن يعتبرن كل الرجال مضطهدين لكل النساء.

فحتى العامل أو العاطل المستغَل والمقهور مستفيد بشكل او باخر من عدة امتيازات وحقوق يخولها له انتماؤه لجنس الرجال بينما تعاني حتى المرأة البرجوازية نفسها من الحرمان من الحقوق ومن الوضع الدوني المخصص للنساء عموما.

ويستمد هذا المنطق براهينه وحججه من كون أن القوانين - التي تميل هذه الحركات النسوانية الى تسميتها بقوانين ذكورية - تعطي وضعا اعتباريا مميزا للرجل فهو "الوصي" وهو "القوام" وهو "المكتمل" بينما المرأة هي الفرع "خلقت من ضلعه" وهي القاصر "الوكالة في الزواج والسفر رفقة محرم" وهي الناقصة "ناقصة عقل".

ألسنا نجد ذكور الاسرة والحي، خصوصا اذا كان هذا الحي حيا شعبيا، او بلدة مثل الجبهة، ألسنا نجد الذكور اوصيا على اناث الاسرة والحي والبلدة دون ان يشترط فيهم السن او المستوى الثقافي والاخلاقي، فحتى الاخ الصغير له سلطة الوصاية على المرأة حتى وان كانت بالغة، والاخ او الاب او الجار السكير او الامي .... يمتلك الحق في التجكم في المرأة حتى وان كانت طالبة جامعية أو عاملة.

اذن يصبح من الواجب على كل النساء ان يتحدن - دون اعتبار للموقع الطبقي فكلهن مضطهدات - لاجبار الرجل على اعطائهن حقوقهن.

هذا هو جوهر منطق جميع الحركات النسائية البرجوازية في العالم، لكن هذا المنطق فيه العديد من الثغرات والاخطاء لا سواء في منظوره للصراع الرئيسي في المجتمع أو في رغبته توحيد كل النساء ضد كل الرجال (ياسمينة بادوا مع اختي ووالدتي) ضدي أنا الذكر وضد اخو ياسمينة الوزير هو ايضا.

ساتوسع في هذا النقاش لاحقا فقد تعبت الان بالجلوس امام الكومبيوتر

بالنسبة لي، لكي تكون مناضلا بحزم ضد اضطهاد النساء بجميع اشكاله وتناهض كل اشكال التمييز ضد النساء، فيجب معارضة تلك الطروحات اللاعلمية واللاتاريخية والتصورات الرجعية التي تتبناها الحركات النسائية لا سواء في فهمها لاصل اضطهاد النساء و لا سواء في فهمها لاليات النضال ضد \الك الاضطهاد وفي فهمها لمن سيناضل ضد من كما في فهمها لافاق ذلك النضال.


فبالنسبة لاصل اضطهاد النساء، أي ج\ور هذا الاضطهاد، فأنا اعتبر انه من الخطا الفادح والمغالطة للوقائع التاريخية البحث عن جذور هذا الاضطهاد في الانقسام الجنسي، امرأة/رجل، فأن يكون الانساء امرأة أو رجلا فهذه مسألة طبيعية لا تشكل في حد ذاتها اي فرق بل ذلك هو التكامل بعينه.


فالذي يقول ان المرأة اصبحت مضطهدة لانها امرأة موقف سخيف لا يقل سخفا عن القول بأن الاسود صار عبدا لانه اسود.

ان تحول الانسان الاسود الى عبد بالرغم من عدم وجود علاقة سببية بين الواقعين (العبودية واللون) تحكم فيه بالاساس توفر شروط اجتماعية محددة. فكذلك بالنسبة للنساء، فتوفر شروط اجتماعية محددة، واتكلم هنا عن العالم باسره وليس فقطا في المغرب او العالم العربي، اقول ان توفر شروط اجتماعية محددة هي من أدت الى تحول الانسان/المرأة الى انسان من درجة ادنى، وذلك حسب تعبير سيمون دي بوفوار "ان المجتمع هو من خلق المرأة" أو "نحن لم نخلق نساء، بل صرنا كذلك"


وهذا ما تؤكده جميع الدراسات التاريخية، حيث اثبتت بأن وضع النساء لم يكن منذ القدم وضعا دونيا، ولم يكن اضطهادهن ازليا، بل هو ظاهرة حديثة نسبيا - من وجهة نظر تاريخية - ان هذه الظاهرة لم تظهر الا مع بداية مجتمع الطبقات، فقبل ظهور المجتمع الطبقي عاش الانسان - رجال / نساء - ولالاف السنين لا يعرفون طبقة سائدة ولا قمعا طبقيا ولا جنسيا ولا سيطرة للرجل على المرأة.....



يتبع

بل ونظرا للدور الحاسم الذي تلعبه المرأة في ولادة الاطفال وتنشئتهم وهو ما كان له الاهمية القصوى ليس فقط في الحفاظ على بقاء الجماعة بل كذلك في الحفاظ على بقاء النوع بأسره. فقد كانت للنساء مكانة متميزة، وبما ان الام كانت هي الوحيدة التي يمكن التأكد من هويتها بالنسبة للاطفال لدى شعوب تلك المرحلة في حين كان يصعب / يستحيل التأكد من هوية الاب فإن الابناء كانوا ينسبون الى امهاتهم وبالنتيجة "فقد اعطيت للنساء باعتبارهن أمهات ... درجة عالية من الاحترام والتبجيل"

وتدل الرسومات التي تعود إلى تلك العصور - وهي رسوم يوجد فيها من النساء أضعاف ما يوجد فيها من الرجال – على تلك المكانة العالية التي كانت النساء تحتلها انذاك حتى رفعت في تلك المجتمعات الى مصاف الالهة، اذ أن جميع الهات الخصب والنماء والخير والحب ... كن نساء.

بينما بقي الرجل ما دام معتمدا على القنص والالتقاط - وهي الانشطة الاقل حيوية من انشطة النساء في حياة الجماعة واستمرار النوع – يحتل المرتبة الثانية بعد المرأة. ولكن ومع امتلاك القدرة على تدجين الحيوانات وهي العملية التي قام بها الرجال – ليس كل الرجال طبعا وبمساهمة مهمة من طرف النساء ايضا – دون النساء ومع تحول الرعي وتربية الحيوانات الى كونه النشاط الانتاجي الاساسي للجماعة، صارت للرجل – باعتباره الان المالك والمنتج الحقيقي – المكانة الاولى ... وهنا بدأت المرأة تتراجع. "الا انه وبالرغم من حدوث هذا الانقلاب الكبير في العلاقة بين الجنسين، فقد بقيت عادة تأليه النساء حاضرة عند العديد من المجتمعات في عصور لاحقة ( اليونان، الفراعنة، الرومان...)

لقد ارتبطت هذه الوضعية الجديدة للمرأة داخل الجماعة شروط جديدة اي بضهور المجتمع الطبقي وتدمير اساس المجتمع المشاعي البدائي - الذي لم ينهار في لحفظة أو بدون صراعات بل عبر مدة زمنية طويلة وبوجود صراع ايضا - هذا ما قصدته اعلاه بأنه من الضروري توفر شروط اجتماعية محددة لكي يتحول الانسان/المرأة .... الى انسان من درجة ادنى. خلاصة الامر أن مكانة المراة حاليا مكتسبة وليست فطرية.

وهنا يتوجب التأكيد على واقع انه لم يكن الرجل بشكل عام هو الذي انتصر بظهور المجتمع الطبقي .... بل فقط الاقلية الحاكمة والمالكة لوسائل الانتاج والمالكة للعبيد والاماء.. بينما صار باقي اعضاء المدتمع - نساء ورجال - يعيشون جميعا القهر والاستغلال .