الوَضُوء وتنشِيط قنَوات الطاقة الحيَويَّة (علميا)
الكلام على لسان احد الباحثين: ثبت لي بعد أبحاث استغرقت عدة سنوات- أن طاعة الإنسان لأوامر الخالق سبحانه وتعالى المتمثلة في تأدية التكاليف الشـَّرعيَّة، هيَ: أعظم مَوارد الطاقة الحَيَويَّة المتجددة التي تحفظ للإنسَـان انسجام وتوافق روحه مع جسده، وبدون أداء تلك التكاليف على وجهها الصحيح تتململ الروح داخل الجسد ويعيش الإنسان في دوامة لا تنتهي من الملل والفراغ.
كما ثبت علميًا: أن الوضوء بالماء يعمل على تدليك أطراف الجسم، وبالتالي فهو يعمل على تنشيط بدايات ونهايات قنوات الطاقة الحيوية، كما أنه يعيد ترتيب الطاقة الكهرومغناطيسية على الجلد والأعضاء الحيوية بالجسم (الوجه والأطراف) مما يكون له أثرٌ كبيرٌ في تنشيط جميع قنوات الطاقة الحيوية، وبالتالي تنشيط الهالة (وهي الغلاف الحيوي الذي يُحيط بكل إنسان وكائن حي)، ولعل تلك الأسرار قد عرفها اليوجيون وأصحابُ الرياضات الرُّوحية بالممارسة، مما حدا بهم أن يفرضوا النظافة الدورية على أتباعهم، لمَّا وجدوا لها ذلك التأثير الكبير في الصحة العامة لأعضاء الجسم بالكامل.
ولقد أثبت العلم الحديث: تأثير الانفعالات، والقلق، والتوتر، والغضب، وآثارها الضارة على الإنسان، وكل المخلوقات، فـفي المواقف الخطيرة يكون رد الفعل إمَّا بالهروب أو بالهجوم، فتزداد سرعة نبضات القلب، ويرتفع ضغط الدَّم، وتنقبض الأوعية الدمويَّة الموجودة في الجلد، ويزداد توتر العضلات، وجريان الدَّم إليها، ويزيد مُستوي السُّـكر في الدَّم، وتزداد قابليَّة الدم للتجلط، ويَعني ذلك أنَّ الجسم يُعِدُّ نفسه بسرعة لمُواجهة الخطر، وفي تلك الحالة يشكل الغضب وانفعالات التوتر جذوة من النار يمكن للوضوء أن يطفئها في الحال ويقضي عليها في مهدها.
والجدير بالذكر أنَّ المسئول عن إثارة كل هذه التغيرات هو الجهاز العصبي الإرادي System Sympathetic، الذي يزيد من إفراز الغدة الكظرية، التي تعمَد إلى ضخ كميَّة كبيرة من هُرمُون التوترStressHormone ، وهو هرمُون الكُورتيزون Cortisone، فتؤدِّي الزيادة إلى سرعة نبض القلب وارتفاع في ضغط الدَّم، فيؤدي ذلك إلى زيادة احتياج القلب إلى الأكسجين، فتحدث الذبحة الصدريَّة في الأشخاص المصابين بأمراض الشرايين التاجيَّة، وازدياد قابليَّة الدَّم للتجلط يُهيِّئ الفرصة لتكوين جلطة داخل أحد الشرايين التاجيَّة Coronary Artery Embolism المُغذيَّة للقلب فتحدث الأزمة القلبيَّة، وغالبا فإنَّ الأشخاص الذين يتعرضون للتوتر الدَّائم، والضغوط النفسيَّة، تزداد سرعة نبض قلوبهم، ويرتفع لديهم ضغط الدَّم، فتؤدِّي هذه الاضطرابات إلى تلف تدريجي في الشرايين التاجيَّة، والقلب ذاته.
روى البُخاريُ، ومسلم، عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ: أنَّ رَسُولَ اللهِ قالَ:
"أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ" (صَحِيحُ البخاري، حديث رقم50).
والوُضـُوء في الفقـه: إيصَالُ الماء إلى الأعضاء الأربعة، وهيَ: الوجـه، واليَدَيْن، والرَّأس، والرِّجـليْن، معَ النـِّيـَّة.
و قد اكتشف سير " توماس ليفير" الطبيب الإنجليزي سنة 1937 جهازًا عصبيا غير معروف، ولا يتبع الجهاز الإرادي أو اللاإرادي، ويتكوَّن من شبكة من القنوات Chanals، نصف قطر القناة يتراوح من 15 إلى 20 ميكرون، وجدار القناة من غشاء رقيق، وتمتلئ بمادة شفافة عديمة اللون، ومُحاطة بالأوعية الدمويَّة التي تتصل عن طريقها بالجهاز الدوري Circulation of The Blood، ويخرج منها قنوات فرعيَّة تمد الأعضاء الداخليَّة بالطاقة، وقنوات فرعيَّة أخرى تصل إلى سطح الجلد.
وتتركـز بدايات ونهايات قنوات الطـَّاقة الحيويَّة، في أطراف أصابع الكفين، والقدمين، وتوجد النقاط المُـؤثـرة في تنشيط تلك القنوات بأجزاء الوجه بالكامل.
أولا: قنوات للطاقة تبدأ، أو تنتهي بأصابع اليدين:
1ـ طرف الأصبع الإبهام: تنتهي قناة الرئة.
2ـ طرف الأصبع السبَّابة: تبدأ قناة الأمعاء الغليظة.
3ـ طرف الأصبع الوُسطي: تنتهي قناة غشاء التأمور.
4ـ طرف الأصبع البنصر: تبدأ قناة المُسخن الثلاثي.
5ـ طرف الأصبع الخنصر: تنتهي قناة القلب.
6ـ طرف الأصبع الخنصر: تبدأ قناة الأمعاء الدقيقة.
وهو ما يعني وجود ستة قنوات تبدأ وتنتهي مع أطراف الأصابع في كل يد.
ثانيًا: قنوات للطاقة تبدأ، أو تنتهي بأصابع القدمين:
1ـ داخل ظفر إبهام القدم: تبدأ قناة الطحال / البنكرياس.
2ـ خارج ظفر إبهام القدم: تبدأ قناة الكبد.
3ـ خارج ظفر سبَّابة القدم: تنتهي قناة المعدة.
4ـ جذر أصبع القدم الوسطى (باطن القدم): تبدأ قناة الكلى.
5ـ خارج ظفر بنصر القدم: تنتهي قناة المرارة.
6ـ خارج ظفر خنصر القدم: تنتهي قناة المثانة.
عِلمًا بأنَّ هذه القنوات الاثنتا عشرة، يُهيمنُ عليها قناتان رئيستان، هُمَا:
1ـ قناة الوعاء الحاكم : في مُنتصف الظهر صُعودًا.
2ـ قناة الحمل والإخصاب: في مُنتصف الصَّدر هبوطًا.
ولقد عَـرَفَ حُـكماء الشـَّرق منذ حوالي ثلاثة آلاف عَـام، وخاصة في اليابان، أن التدلِيك Massage، من أهم طرق تنشيط قنوات الطـَاقة الحيويَّة بالجسم، والمُصَـلِّي يقوم بتدليك أعضاء الوضوء حوالي خمس مرات يوميًا على الأقل، وبذلك يتم تنشيط قنوات الطاقة لدى المُصَلـِّي بصفة مُستمرَّة، مِمَّا يُـقلل لديه نسبة الإصابة بالأمراض.
وإذا اقتدينا بفعل رسول الله ، فيما رواهُ الإمام مسلم، عَنْ بُرَيْدَةَ بن الحَارث، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ، قَالَ: إِنِّي عَمْدًا صَنَعْتُ يَا عُمَرُ" (صَحِيحُ مسلم، حديث رقم: 415).
الوضوء من منظور فيزيقي
من المعلوم: أنَّ الشياطين تحب الرَّوائِح الكريهة، ولذلك فهي تجتمع عليها، وتحب كل خبيثٍ؛ لتعفَّ عليه كما يعفُّ الذباب على بغيته، وتحبُّ كل من لا يستبرئ لبوله، أو يغتسل من الجنابة، وتحوم حوله كما تحومُ الطيُورُ على الرِّمَم، وتكون النتيجة أنَّ تتسبب مؤانسة الشياطين للإنسان الذي لا يُصلـِّي، واقترابهم منه، في رفع ذبذباته؛ لأنهم نارٌ، فتزدادُ عنده حدَّة الانفعالات، ويأخذه الغضب لأتفه الأسباب، وبذلك تختل تفاعلات الجسم الهرمونية، كما وضحنا ذلك من قبل. ومن المعلوم: أنَّ المُسلم الذي يُحافظ على وضوئه، يقهرُ الشياطينَ؛ لأنـَّه يبقى في كنف الملائكة تحوطه نورانيتهم، وتغلفه السكينة، ويرقى إلى عالم يتميَّز بالمَحبَّة، والسَّماحة، والطيبة، وصفاء النفس، شتان ما بين هذا وذاك. ,
والأدلة على ذلك:
1- قوله تعالى:
(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (سورة الأنعام، الآية رقم: 122).
2- ما رواه أبو عبد الله النسائي، في سننه، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنَّ رَسُولَ اللهِ سَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَقَالَ: "إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أمَّا أَحَدُهُمَا فكَانَ لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ" (سنن النسائي، حديث رقم: 2041).
3- ما ورد في الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:
"أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَىَ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ" (صحيح الإمام مسلم، حديث رقم: 369).
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا