أعيد نشر تقرير حول حريق 12 ماي 2007 بمنتدى الجبهة نت والذي كان منشورا على صفحات موقع الجبة نت قبل ان يتحول الى منتدى وسأدرج معه كل التعليقات التي كتبت عليه اضافة الى رابط المقال ورابط لتصفح الصور. كان الأسبوع الماضي ملتهبا بالجبهة، إذ شب حريقين في يومين متتاليين: الأول بحي الغروس يوم 12 ماي2007، إذ شبت النيران في الأخشاب وجذوع الأشجار المهملة بالساحة المجاورة لملعب كرة القدم. أما الثاني فقد شب في أحد مراكب الصيد يوم 13 ماي 2007 قبالة سواحل الجبهة.
في سنة 2005، وأثناء تهيئة المقطع الرابط بين الجبهة وبني بوفراح من الطريق الساحلية (طنجة - السعيدية)، تم اجتثاث العديد من أشجار الصنوبر (تايدا) من طرف شركة "ساليني" (Salini) الايطالية، ومن المعروف أن إدارة المياه والغابات هي من تقوم بتخزين هذه الأخشاب تمهيدا لبيعها، وتعود مداخيل صفقة البيع لفائدة ميزانية جماعة متيوة، لكننا لم نعرف الأسباب التي جعلت شركة "ساليني" تشحن هذه الأخشاب إلى وسط حي سكني بالجبهة رغم توفر مساحات شاسعة داخل المناطق الغابوية المجاورة للجبهة، والتي استغلتها الشركة في تخزين آلياتها والمواد الخام المستخدمة في بناء الطرق.
لقد تم تخزين هذه الأخشاب في حي الغروس في أواسط سنة 2005، وتم بيع قسم منها في صيف تلك السنة، وبقي القسم الأكبر مركونا قرب مساكن المواطنين لمدة تقارب السنتين حتى أصبحت جزء من الحي.
تعرضت هذه الأخشاب للتجفيف جراء تعرضها لأشعة الشمس لمدة طويلة، وأصبحت كالوقود تنتظر فقط شرارة لكي تحترق وتحرق معها الحي، ربما عقب سيجارة، أو أطفال يلعبون، لعلها فقط أشعة الشمس المفرطة في ذلك اليوم، ربما وربما ... لكن الأكيد أن السبب الرئيسي للحريق هو إهمال هذه الأخشاب في منطقة سكنية دون إجراءات وقائية.
على الساعة الواحدة (13:00) شبت النيران. في البداية لم يعرف السكان ما العمل، كانوا يرون منزل عائلة الفرخاني مهددا، بدأ المواطنون يتقاطرون إلى مكان الحريق الواحد بعد الآخر، وشيئا فشيئا بدأوا يزيحون الأخشاب المجاورة لمنزل الفرخاني حتى لا تمتد إليه النيران، البعض الآخر يحملون دلاء وخراطيم المياه من مختلف المنازل المجاورة، وقد استطاعوا عزل الحريق بسواعدهم وشجاعتهم فقط، في غياب تام للسلطات التي من المفترض أن تكون حريصة على حياة السكان (عفوا كان البعض منهم يستريحون تحت ظلال شجرة التين القريبة).
أخبرنا البعض لاحقا أن الجبهة تتوفر على أربع فوهات لإطفاء الحرائق (نحن غير متأكدين من صحة الخبر بعد) لكننا لم نشاهد أي خرطوم ممتد منها إلى مكان الحريق، وتوقعنا أن يكون المكتب الوطني للماء الصالح للشرب يتوفر على خراطيم كبيرة مخصصة لهذا الغرض في ظل غياب وحدات الوقاية المدنية بالجبهة، لكننا فقط شاهدنا بعض عمال وموظفي المكتب مثلهم مثل اغلب المواطنين يحملون الأخشاب والدلاء.
المستوصف اليتيم بالجبهة كان قريبا من مكان الحريق، ولأن اليوم كان يوم سبت، فقد كانت أبوابه مغلقة، وكأن السلطات لا تتوقع أن تقع حوادث خلال عملية إخماد الحرائق، لم نشاهد سيارة الإسعاف قرب الموقع مستعدة للتدخل، ففي احد اللحظات انهار جدار متداعي جراء ازدحام الأشخاص فوقه، ولحسن الحظ لم تقع إصابات.
أفراد الجيش المنتشرين على طول الشواطئ الشمالية للمغرب، والذي يوجد أحد مقراتهم بالقرب من مكان الحريق، لم نشاهدهم أيضا (على الأقل بلباسهم الرسمي) أثناء إخماد الحريق.
بعد ساعات، وبعد أن تمت السيطرة على الحريق جزئيا، حضرت جرافة صغيرة للمساعدة، لكنها لم تفعل شيئا، تسائل سائقها عن وجود أكوام تراب قريبة ليقوم باستخدامها في إطفاء الحريق، ولما لم يجبه أحد انصرف بجرافته إلى حال سبيله. ليستمر المواطنون في إطفاء الحريق بوسائلهم البدائية.
بعد ذلك وصلت إحدى شاحنات شركة "ساليني"، المخصصة لرش المياه، التي سيطرت على الحريق بشكل نهائي في حدود الساعة السابعة (19:00) مساء.
وبالطبع كان تدخل وحدة مكافحة الحرائق الغابوية جد مهم، فبعد تأخير لمدة 7 ساعات من نشوب الحريق، حضرت آلية مخصصة لهذا الغرض من باب برد التي تبعد عن الجبهة 60 كلم فقط لكنها اتجهت فورا لأحد أوراش إصلاح السيارات لأنها كانت معطلة.
تنفس السكان الصعداء بعد السيطرة النهائية على الحريق، لكن الحريق الذي شب في احد المراكب قبالة سواحل الجبهة في اليوم التالي ذكّر الجميع بأن إمكانية تجدد الحريق أمر جد وارد، وهذا ما كان إذ اشتعل الحريق مرة أخرى بنفس المكان يوم الاثنين على الساعة الثانية (2:00) ليلا وسارع السكان لإخماده مرة أخرى.
هذه الحرائق المتكررة تطرح علامة استفهام كبيرة حول غياب وسائل الوقاية المدنية بالمدينة التي يصل تعداد سكانها إلى حوالي 3.000 نسمة، فكيف يعقل أن المدينة لا تتوفر على أي وسيلة لإطفاء الحرائق لا سواء بالمركز ولا بالمناطق الغابوية المجاورة ولا حتى بالميناء الذي يعود تاريخ بناءه إلى أكثر من ثلاثين سنة، إن الإهمال والتهميش الذي تتعرض له مدينة الجبهة لا يشمل هذا المجال فقط، إذ أن البنية التحتية جد هشة بالمدينة وشوارعها في حالة متدهورة والأودية التي تخترقها تحولها إلى مستنقع موحل شتاء، وحقلا للغبار صيفا.
لحدود كتابة هذه الأسطر ما زالت الأخشاب ملقاة في مكانها و مخلفات الحريق على حالها. إذ لم تتحرك لا إدارة الجماعة ولا السلطات المحلية من اجل رفع هذه الأخشاب ونقلها بعيدا عن الحي، ربما أن هذا الأمر لا يعتبر من أولوياتهم الآن فهم مشغولون حاليا بالإعداد للانتخابات. وكل انتخابات وأنتم بخير.
رابط المقال
http://www.jebhanet.malware-site.www/nwes/fire_laghros.htmرابط لمشاهدة صور الحريق
http://www.jebhanet.malware-site.www/images/Fire/index.htm