في أحد الايام يغادر العياشي منزل أهله، يمشي في خيلاء مرتديا ملابس جديدة، وجهه حليق مع بعض الشعيرات في مقدمة ذقنه، وعلى رأسه قبعة بيسبول أمريكية، ونظارات سوداء فوق عينيه وتتدلى من احد اذنيه خيط سماعة هاتف نقال.
كان قد عاد من اسبانيا التي بقي فيها ما يقرب من 6 سنوات، حزينا غاضبا وفرحا يوم عودته للجبهة، كل هذه الانفعالات تتفاعل داخله، يضحك كالطفل ويبكي ايضا كالطفل. يشد على يد كل من يلقاه في طريقه بحرارة، لأم الذين يعرفونه بعض الشيء فهو يحضنهم بفرح طفولي.
لقد عاد من اسبانيا حلم كل شاب في قريتنا، لقد استطاع ان "يحرك" الى هناك في حين فشل العديد من زملائه وجيرانه، لقد استطاع ان يهاجر، وهذا هو المهم، الى خارج البلاد سرا، حسب تعبير مقدمة نشرة الاخبار، ان يهاجر الى جنة أوروبا ثم يعود معافى لم ينقص منه شيء.
جلس في الطابق العلوي لمقهى "اعبابو" وروى قصته لروادها، يتوقف كلما دخل زبون جديد ليبدأ الحكاية من اول جملة فيها، يقهقه ويصف حقول الطماطم المغطاة بأنها طريق المرأ للخلاص من بطالته المزمنة.
يتحدث عن الاسبان والجزائريين والافارقة الذين يعملون في مزارع الميريا(دون ان يدخل اليها اي حمار
).
يلعن الاسبان قبل أن يقول ان اصحاب المزارع الاسبان يعيشون في بيوت راقية رغم انهم في نفس البادية، منازل راقية ودافئة ونظيفة وجيدة الاضاءة، يحيط بها حزام من الزهور الكخاتم في يد العروس.
من بعد نشوفو اش وقاع للعياشي منين رجع للجيهة