حول أصول قبيلة متيوة

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

السلام عليكم

أود أولا أن أحيي تحية أخوية صادقة ملؤها التقدير الأخ المشرف الجبهاوي على بادرته الحسنة وكذلك باقي المشرفين على المنتدى ، اعترافا بجهودهم المستمرة لإغناء ساحات المنتدى والدفع به قدما .

بهده المناسبة ، يسعدني أن أقدم لأعضاء منتدى الجبهة نت الموقر ، ولزواره والمهتمين بالمنطقة بما فيهم الطلبة والباحثين ، نصاً يتحدث عن قبيلة مثيوة (بالثاء في النص الأصلي) نُشر باللغة الفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر ، في كتاب عنوانه : المغرب المجهول . دراسة جغرافية واجتماعية . نشر الجزء الأول منه في سنة 1895 تحت عنوان استكشاف [بلاد] الريف ، والجزء الثاني سنة 1899 تحت عنوان استكشاف [بلاد] اجبالة .

نتابع اليوم مع طقوس العرس في مثيوة ، أواخر القرن 19 .

[ 4 . من مظاهر الاحتفال بالأعراس في مثيوة : ]

المرأة المثيوية جميلةّ وأنيقة . تتغطى بنوع من القماش الأبيض يسمونه "الرّْهيف" وتلبس بلغةً حمراء ، تزين معصميها دمالج وكعبيها خلاخل من الذهب أو فضة ؛ وتُتَمِّمُ حِلِيَّها بأقراطُ أُذن ثمينة محيط دائرتها هائلٌ ، وبتاج مغشيّ بالذهب أو بالفضة ، وبقلائدَ مطعمة باللويز أو بقطع نقدية من النقرة ، وبأبازيمَ كبيرة من الفضة تمسك بها أهداب "الرّْهيف" على صدرها ؛ ولا ننس الخواتم الذهبية أو الفضية التي تثقل أصابعها . في طُعْمِ القلائد ، لا يوجد إلا القليل من القطع النقدية المغربية ، لأن القطع الفرنسية والأسبانية هي الغالبة . أما استعمال الحجاب فغير متداول عندهن ، لأن النساء والفتيات يَبْدِين سافرات الوجوه للعيان .

تتزوج العذارى في سن مبكرة ، أي ما بين عامهن العاشر والرابع عشر . ويكلفن الأزواجَ تكاليف باهظة يُؤدّونها للأب أو لولي الأمر . قد تصل تكلفة الدَّميمات منهنّ إلى 500 فرنك فرنسي (في ذلك الحين) ، والمتوسطات الجمال ما بين 1000 و 1500 فرنك أما ذوات الجمال الباهر فما بين 4000 و 5000 فرنك ؛ إضافة إلى صندوق العروس والحليّ.

يتقدم الخاطب صحبة ثلاثة أو أربعة من أصدقائه ليخطب البنت من أبيها أو ولي أمرها وليستفسره عن مبلغ الصداق . ولا حاجة لنا إلى القول إن المعنية بالأمر لا تؤخذ أبدا مشورتها في ذلك . وفي حالة قبول الخطبة ، يخرج الأب أو ولي الأمر بصحبة العريس وأصدقائه للذهاب جميعا إلى قاضي القبيلة لتحرير عقد الزواج . بعد ذلك يعود الخطيب إلى داره ليقوم بالاستعدادات اللازمة لإقامة العرس .

وحسب ثرائه يذبح 2 ، 3 ، 4 ، 5 أو 6 من الثيران ، كما تُعدُّ جبالٌ من الكسكس وتُملأ بالحليب جرارٌ أجوافها مستديرة . وتَصنع كل من أخوات وعمات وخالات وأمُّ العريس أكداسا من المْسْمّْن الذي يسبح في محيط من العسل . وعندما يكون كل شيء جاهزا ، يجمع المتزوج سكان القرية ويصطحبهم إلى داره داعيا إياهم ليطعموا ويشربوا .

وبعد الزوال ، يتوجه إلى بيت الصبية قرابة مائة رجل مسلحين ببنادقهم ، أحزمتُهم مشدودة بقوة حول الخصر ، وكأنهم ذاهبون على الأقدام لخوض معركة . فيضعون المَهرَ المتعهَّدِ به بين يدي الأب ، وبعد ذلك يُركبون العروس على ظهر بغلة مسرجة ببردعة أنيقة ، ثم يعطون إشارة الانطلاق بإفراغ عام لبنادقهم . وتكون العروس دائما مغطاة الوجه في وسط هذا الركب الضَّاج الذي يعلن ، من بعيد ، عن مجيئه رشقُ البنادق المتواصل .

عند سماع تفجيرات البنادق ، تُطلق النساء من دار الزوج زغاريد مذهلة ، وبمجرد ما يلوح الركب للعيان ، يعجِّلن للقاء العروس ، فيختطفنها من السرج ويدخلنها إلى مسكنها الجديد ، حيث يستقرّْن معها في حجرة ، ويلازمنها إلى حدود منتصف الليل . في ذلك الحين ينسحبن من الحجرة فتبقى لوحدها ، وتذهب امرأة مسنة لتنذر العريس ، الذي كان بقي في الخارج يلهو مع أصدقائه ويطلق الرصاص ، بحلول اللحظة الحاسمة . وخُفية ، يبتعد عن رفاقه مسرعا إلى لقاء زوجته . بعد برهة يَشُقُّ النافدة التي يستطيل عبر انفراجها أنبوب بندقيته ؛ وميض ، تتبعه قذفة قوية ، يعلن لسكان القرية أن الفتاة لم تعد بعدُ عذراء ، فتَستَقبل هذا النبأَ زغاريدُ لا توصف تَرُدُّ عليها نيرانُ الطلقات الكثيفة .

بينما يبقى الزوجان حبيسان[في قفصهما] ، يتابعُ الضيوف الحفلة طوال الليل ، فهاهم الرجال والنساء ينشدون كل بدوره أشعارا قديمة أو يرتجلون أخرى جديدة ، أما زغاريدُ النساء الحاضرات فتكافئ القوافيَ المستحسنة منها . ومع تباشير الفجر يقفل الضيوف عائدين إلى ديارهم ، شبعى تمام الشبع ، معللين أنفسهم باستئناف الحفل في العرس القادم .

أتمنى لكم من الفائدة قدرما اتمنى لكم من المتعة

مع تحياتي ومودتي
محال الموساتي

السلام عليكم

بفقرة اليوم ينتهي الجزء الأول من نص أوكست مولييراس حول قبيلة مثيوة ، وهي تعنى بالوضع الإجتماعي للمرأة المثيوية آنذاك .

سأطرح للنقاش بحول الله في الساحة المخصصة لذاك التساؤلات التي يثيرها هذا الجزء من النص من وجهة نظري ، أتمنى أن يوفقنا الله في ذلك .

ولكم الآن باقي الجزء الأول .

[5. الوضع الاجتماعي للمرأة : ]

وليس لزواج الأرامل والمطلقات بريقُ زفافِ العذارى ، لأنه يتم دون ضجة وبكل بساطة ، كما يليق ذلك على أية حال ، بالتي فقدت قدرا كبيرا من قيمتها ، ألا وهي عذريتّها . وعلى كل حال ، فليس هناك أي تقصير في حق بطون الضيوف الذين يتسابقون مهرولين إلى كل هذه الأعراس كما تهرول كلاب الصيد لتناول حصتها من [لحوم] الصيد .

المرأة الريفية شديدة الخصب ، إذ ليس من النادر أن نرى أمّاً محفوفة بسبعة أو ثمانية أطفال ، ويذكر أن منهن من لهن خمسة عشر ، فرجال ونساء هذه البلاد الرهيبة يعتبرون الأسر العديدة نعمة ربانية . فبين هؤلاء الجبليون الأفظاظ لا يَنتَظِر الناس ، كما جرت العادة في أوروبا ، أن تَخورَ ثلاثةُ أرباعِ قوى الرجل لكي يقيم زفافه ، إذ يتزوج الريفي في سن مبكرة ، بين خمسة عشر وعشرين سنة . فيا له إذن من فرق كبير بين هذا الفتى المفتول العضلات ، المتين متانة الثور ، وخطَّابنا القدامى في الأربعين من عمرهم ، والذين يعادل خوَرُهم الجسمي انحلالَهم الأخلاقي .

لا يحب أهل الريف النساء العاقرات ، بل يطلقونهن بعد مدة سنتين أو ثلاث سنوات من الانتظار ، مع التعبير لهن على علامات لا لُبْس فيها من الاحتقار . وتعود التعيسة إلى دار أهلها الذين يشبعونها الشتائم ويخضعونها لأشق الأعمال ، فتتكاثر بذلك حظوظها في ألا تتزوج أبدا ، لكنها لن تستعمل آخر طاقة تستعملها المرأة الأوروبية الكسولة ، ألا وهي البغاء ، إن عاهة بلداننا المتحضرة هذه نادرة جدا في بلاد الريف ، حيث لا يستهان بعرض النساء .

أتمنى لكم أحلى الأوقات

مع تحياتي ومودتي
محال الموساتي