عن البربرية الغمارية

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

السلام عليكم ،
كنت أعلنت سابقا أنني اطالعكم قريبا بنص جديد يعنى بجوانب من تاريخ اغمارة واليوم أقدم لكم هذا النص .

تقديم :

تماشيا مع ما أُعلن عنه عند افتتاح ساحة الدراسات ـ حول قبائل الجبهة والمناطق المجاورة لها ـ وذلك عبر "إعادة نشر المقالات المنشورة في المجلات ومقتطفات من بعض الكتب حول المنطقة" ، فإنني أقترح عليكم نصا يهتم بالبربرية التي لا زال سكان اغمارة يتكلمونها إلى اليوم .

ويصرح السكان المحليون حاليا أنه بعدما تم اختلاط الشرفاء مع مهاجرين آخرين من الدهماء ، لم يعد ممكنا اعتبار قبائل اغمارة أنها تتكون حصرا من الشرفاء . بيد أن البلاد قد احتوت على عدد كبير منهم ، لدرجة يمكن معها تقريبا القول أنها "غُمِرَتْ" بهموأنها قد اشتقت اسمها من هذه الخصوصية (10) " .

(10) تربط العامة اسم اغمارة بالفعل الثلاثي "غمر" الذي يعبر عن فكرة "كمية من الماء أو من الناس تغمر" ، ومنه غُمار وغُمارة . ويذكر ابن خلدون نفس الأصل اللغوي عند العامة مع هذا الفارق عنده . فليس الشرفاء هم الذين "غمروا" البلاد ، ولكن العرب . وهذا الاختلاف الظاهري في التأويل الشعبي مرده إلى الخلط الذي يخلق بسهولة في أذهان البرابرة بين مفهوم العرب ومفهوم الشرفاء .

في المرة القادمة ، وهي تخص الفقرة الأخيرة من النص ، يقدم الكاتب خريطة للمنطقة وأقدم أنا بعص الصور

.إلى ذلك الحين أتمنا لكم أوقاتا هنية

مع تحياتي ومودتي

محال الموساتي

السلام عليكم ،

لكم فيما ياي بقية المقال

وكما سيتضح لنا ذلك من معاينة المخطط عقبه ، فإن المجموعة المتكلمة بالبربرية في اغمارة تستوطن ، على وجه التقريب ، قلب مجموعة القبائل الغمارية الحالية

وبقاء البربرية في هذه المنطقة المنفردة يمكن تفسيره بعوامل جغرافية واقتصادية . وبالفعل ، فإن هذه المنطقة تتكئ جنوبا على القمم الشمالية المجاورة لجبل تزران ، في الجزءالذي يتعذر عمليا عبوره ، حيث يَضْطرُّ الطرق التجارية التي تربط فاس بالبحر الأبيض المتوسط ، إلى الابتعاد نحو باديس شرقا ونحو شفشاون وتطوان غربا .

إذن فبفعل بعدها عن طريقي المواصلات الكبيرتين بين الشمال والجنوب الشيء الذي سهَّل من جهة أخرى تعريب القبائل الجبلية ، وكذلك بفعل موقعها بعيدا عن الطريق الساحلية الرابطة بين تطوان وباديس ، فإن هذه المجموعة المتكلمة بالبربرية في اغمارة بقت إلى يومنا هذا (+) .

(+) يقول الموساتي : لست أتفق هنا مع الكاتب الذي لم يزر بنفسه المنطقة ، وإلا لكان عرف أن المداشير بين امثار وتيساس وهي تازة ، ترارت ، أعرقوب ، جنان النيش الخ... يتكلم أهلها الشلحة ، وهي موجودة على الواجهة البحرية ، كما أشرت إلى ذلك بالأحمر في الرسم البياني .

وعلى الأرجح فموقعها المركزي ، أكثر من كونها ظلت المركز المحافظ للمنطقة ، هو الذي جعلها تتوفر أيضا على مركزين أساسيين في اغمارة ، واحد سياسي و الآخر ديني . من جهة ، فإن مكان التجمع الذي تقام فيه الاجتماعات السياسية الهامة هو فعلا عين احجار (ربع دْ فران اعمان ، قبيلة بني منصور) . ومن جهة أخرى فوليُّ اغمارة الرئيسي ، والدي يعتبره السكان "علما" للكنفيديرالية الغمارية ، هو سيدي احمد الفيلالي الذي يوجد ضريحه (قرب) مدشر أنراي (ربع د الوسطيين ، قبيلة بني بوزرة) . كان سيدي احمد الفيلالي قبل وفاته بخلوته بالجوج قريبا من امثار ، قد أوصى مريديه (الفُقَرا جمع الفقير) ألا يدفنوه قبل أن تتجمع اغمارة كلها حول جثمانه . وحينئذ وحدهم من يقدرون على حمل رثته سيعود إليهم شرف دفنه بأرض بلادهم . ولقد استطاع رجلين من قبيلة بني بوزرة رفع جثمان الوليّ ، فحملوه وهم مغلفون بغيمة من ضباب ، ولم يظهروا ثانية إلا بمدشر أَنَرايْ حيث دفنوه (على قمة الجبل) (+) .

(+) يقول الموساتي : من خلوة الجوج حيث كان الولي يتعبد إلى جبل سيدي احمد الفيلالي قرب مدشر أَنَرايْ حيث يوجد ضريحه ، نصعد مسافة 1000 متر من العلو .

لما يذهب اغمارة إلى القتال ، فإن علم سيدي احمد الفيلالي هو الذي يكون في الطليعة يحمله واحد من أحفاد الولي الصالح ، أو واحد من أولاد عبد الصدوق من تُوجْكانْ .

في ما يلي بعص الصور التي أخدتها صيف 2009 في خلوة الجوج التي كان سيدي احمد الفيلالي يتعبد بها